--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
الخوف ينمو بداخلنا كل يوم – يأكل ويشرب – يلهو ويمرح – يحزن ويتألم !
تعد النفوس الضعيفة هي أخصب تربة على الإطلاق لنموه وترعره بداخلها ... ،
أكله وشربه هو استسلامنا نحن له ،
حزنه وألمه عندما نخوض دروبنا بدونه ...
التردد أحد أبناء الخوف – حينما تتردد – اعلم وقتها انك خائف !
فور انتهاء التردد من اكمال مهمته مع ذوي النفوس الضعيفة - يقف ليعلنها بملء الفيه انه قام بدوره على أكمل وجه ،
ويرسل الي والده ( الخوف ) برقية الشكر ومعها ضوءاً أخضراً يسمح بمرور والده الي الهدف!
تتوارث أجيالنا الخوف – جيلاً يتلو جيل وفرداّ يتلو الآخر ...
أخاف على إبنتي محذراً إياها من ( أحمد ) إبن الجيران – وأقول لها – لا تجعليه يتقاسم معك ( ساندويشاتك ) فهذه لك ولا لغيرك !
بالطبع هذه الوصية هي وصية أغلب الأمهات ! ،
في جعبتها تحمل العديد من الحب والحرص والخوف على أبنائها – ناهيك عن مضمون الوصية – ولكن عواقبها وخيمة ..
أولا :- بات أحمد هو العدو اللدود لأبناء الأسرة !
ثانيا:- غرس الطمع بطريقة حميدة !
ثالثا:- تتلاشى معالم المشاركة والتعاون ( وقسم اللقمة ) !
انظروا ايها الآباء ماذا فعلتم - خوفكم على أبنائكم ماذا صنع - لا تجعلوا فطرة الخوف الدفينة تتوارثها أجيالكم ،
فاليوم هي عبارة عن ( ساندويتش ) والغد ما أدراك !
الأب والأم – لا محالة يخافون على أبنائهم - ولكليهما دوره في الأسرة – يحافظون على أبنائهم من كل كبيرة وصغيرة – ويتناسون تماماً أن الذي أخاف منه ليس قمعاً عليك ان تخاف منه ؟؟
فالأسرة المدنية تخاف على أبناءها قطع الطريق السريع ، وتخاف أيضا سائقي التاكسي ليلاً – فهذا الشئ ليس في حسبان الأسرة الريفية ، التي تخاف هجرة أبناءها وتركها لعرضهم المتمثل في الأرض الزراعية ونزوحهم الى الحضر وأضواء المدن ،
وعندهم ما يكفيهم من أساطير السلعوة والنداهة وبطش التكاتك !
خوفنا من شيئ يجعلنا نتجنبه – وبالمزيد منه نجد أننا متناهين في الصغر ولا نعرف قيمة ما لأنفسنا – وبمزيد المزيد – نجد أننا نتجنب جميع الأشياء ! - أليس هذا جنون؟
الخوف من المستقبل و اتخاذ القرار ...
طموحنا في أن نشغل مناصب عليا – ومحاولاتنا جميعاً في اخراج أحلامنا بصورة قريبة الى الواقع – يجعلنا في تردد مستمر في الإنتقال من خطوة إلى أخرى ، فلا يوجد واحدٌ لا يطمح بوظيفة محترمة ذات ربح ومكانة عاليين – أعمل أنا مثلا في شركة ( كذا ) – قابلت صديقي لأجد أن الشركة التي يعمل بها يحتاجون لجهودي معهم ، ولذاً فوجب عليَ أن أترك وظيفتي الحالية لأحمل أختام الوظيفة الجديدة – فحينها أقف بداخل دائرة الحيرة في الإختيار ما بين هاتين – تجول برأسي عناصر المقارنة بينهما
هل لو وافقت طلب الشركة الثانية – سيكون حالي أطيب مما انا عليه ؟
هل سأكون خطوت خطوة الى الامام ؟؟
هل سألقى ما يناسبني من مكانة ومكسب وتطور ؟
هل .. وهل .. وهل
نجد أنفسنا قلقة بشأن الوظيفة ( الخطوة ) الجديدة - ليتطور الوضع ليذهب الى التردد وما أدراك إياه – فهو سريع التواصل مع الخوف - وتتبع السلسلة ...
نعقد المقارنات الواهية – نبذل الكثير من الجهد في التفكير السلبي وعناصر المقارنة السلبية – فلو نظرنا الى ( الخطوة الجديدة ) الوظيفة الجديدة على أنها – زيادة في اتساع الخبرة ، والإنتقال من موضع لأخر يكسب الأشخاص كسر حاجز الرهبة من المستقبل – والخوف منه ، فبهذه الطريقة تكون الخطوة ذات ثبات وإقدام .
الخوف من اللاشيء ...
يضحك بعضنا ويتعالى في الضحكات – ويا لها من ليلة حقاً لا تتكرر كثيراً ، الفرح يسود المكان – كل الوجوه تبتسم ومن يراهم يضحك لضحكهم – وفجأة !!!
ينتصب أحدهم ليقول ( خير اللهم اجعله خير ) ( أكيد في حاجه هتحصل وحشه قوي ) !! وبعدها يتحول الضحك والفكاهة والمرح الى حقيبة سوداء ممتلئة بالحزن والقلق - ويتحول الضاحكون إلى مجموعة من البشر لا يعرفون كيف يواجهون خوفهم من حاضرهم وماضيهم ومستقبلهم ، فهم في الحقيقة لا يعرفون كيف تكون السعادة وكيف يفرحون.
هذا هو الخوف بعينه ، عندما نضحك ونفرح نقول ( اللهم اجعله خير ) ، وعندما نتزايد في الضحك والسعادة ، ننتظر الكارثة المرتقب حدوثها ... أي بلاهة هذه !
لا تترك نفسك لخوفك – فخوفنا من الخوف يجعلنا دائما في خوف ...